كانت مراسم الزواج على النحو التالي:
1- الخطبة:
وهي أولى مراحل الزواج وكانت تتم بواسطة الأقارب أو الخاطبة المتخصصة لهذا الغرض فتوصف البنت للعريس إذا كان غير مرتبط بإحدى قريباته كابنة عمه أو غيرها فيوافق عليها دون ان يراها، وبعد استجابة ولي أمرها آما بإرسال مكتوب إليه أو مكالمة أهلها شفويا يرسل لبيت العروس كمية من السمك الطازج حيث توزع على الأقارب والجيران والمعارف كرمز للبركة والخير وكإعلان عن الخطوبة.
2- الملجة:
أي عقد الزواج وهي المرحلة الثانية وقد تمر فترة طويلة بينها وبين المرحلة الأولى، ففي هذه المرحلة يتم الاتفاق على تحديد موعد معين فتعقد حفلة صغيرة مكونة من الأقارب والمعارف، ويدعى فيها الشيخ (المأذون الشرعي) فيجري صيغة العقد بعد موافقة البنت ويجري العقد دون ان يسجل في وثيقة رسمية، ويسلم الصداق ويرسل مع الهدايا الى بيت العروس
3- الدخلة:
أي دخول العروسين وهي آخر مرحلة، وقد تتم بعد المرحلة الثانية مباشرة وهناك تجري الاحتفالات على قدم وساق، فبالنسبة للعروس فإنها قبل الدخول بثلاثة أيام يجري الاحتفال «بغسالتها» أي باستحمامها فتذهب معها الداية في الصباح برفقة أقاربها وجيرانها ومعارفها الى إحدى العيون وعلى طول الطريق يرددون الأغاني والأهازيج وتقوم الداية بتوزيع العذرة في الزوايا والمنعطفات والترع، وابتداء من مساء ذلك اليوم تجري الاحتفالات بليالي الحناء حيث تجلس العروس في صدر القاعة على مشهد من المتفرجات ، وتقوم «النقاشة» الأخصائية بوضع العجين في كفيها وقدميها وكل ذلك يتم على الأهازيج الشعبية والزغاريد والتهاليل.
وفي عصر اليوم الذي يسبق ليلة الدخول يحتفل بالخضاب فتجلى العروس في أروع زينتها اكثر من أي وقت مضى وتقوم الخضابة المتخصصة بنقش كفي العروس وقدميها بمادة «الخضاب» وفي المساء وقبل ان تزف الى العريس يجري الاحتفال بمراسيم (التريمبو) فيضعنها في وسط الصالة وينشرن فوقها رداء من الحرير حيث تمسكه اربع نساء كل واحدة بطرف من زواياه الأربع ثم يرفعنه وينزلنه وهن يرددن أهزوجة متداولة مطلعها: (واترمبو واليومي). ثم تزف الى غرفة الدخول وتبقى دايتها بجوارها مع ثلة من أقاربها .
أما بالنسبة الى العريس فقبل الدخول بيوم يكلف شخص بان يطرق باب كل بيت ويوجه دعوة عامة للبلد يدعوهم لحضور الاحتفالات وتناول العشاء حيث تنحر الذبائح ويدعوهم كذلك لتناول الفطور ، وفي عصر ذلك اليوم يذهبون معه الى إحدى العيون للاستحمام وتوزع العذرة في الترع والمنعطفات على غرار ما يعمل للعروس وعند العودة يركبونه على فرس أو ، وفي المساء بعد انتهاء مآدب العشاء تقام حفلة بمناسبة ليلة الحناء يقرا فيها قصة زواج الرسول (ص) من السيدة خديجة بنت خويلد
وفي الليلة الثانية يقام احتفال مماثل بمناسبة الزفاف تتكرر فيه المشاهد والأعمال وتقام المآدب على قدم وساق، وعند انتهاء الحفل يزف العريس الى بيت العروس في حشد من المحتفين وهم يرددون الأهازيج والتهاليل وعند دخوله الى الغرفة يرافقه الشيخ فيقرئه الدعاء بعد ان يصلي العريس ركعتين ثم يخرج معه لتوديع المشيعين وسرعان ما يعود الى الغرفة لإتمام بعض المراسيم.
وتقوم الداية مباشرة بمهمة «غسالة الرجل» فتوضع رجل العريس اليمنى ورجل العروس اليسرى في وسط صحن صيني وتجعلهما في وضع متقابل بحيث يلتصق باطن إحداهما بباطن الأخرى ثم تصب ماء الورد عليهما كرمز للوفاق وتفاؤل بالوئام
وبعد انتهاء هذه المراسيم ينفض النساء وتتاح الخلوة للعريسين هذا إذا لم يكن منذورا على العروس بالحرس فقد جرت العادة ان تنذر الأمهات على بناتهن بالحرس ليلة الدخول أحيانا إذا بلغها الله في زواجها فتبقى بجوارها دايتها وبعض ذويها، ويحظر على العريس مقاربتها طيلة تلك الليلة الا في الصباح عند آذان الفجر.
وقد جرت العادة ان يقدم الزوج لعروسه هدية في الصباح يسمى «الصباحية» تتكون من الملابس الفاخرة وغيرها كما جرت العادة ان يقوم العروسان في الليلة الثالثة بزيارة أهل العريس.
ويقيم الزوج في منزل العروس أسبوعا كاملا يزوره خلاله أقاربه وأصدقاؤه ويجلس جلسة عامة كل يوم أما في العصر أو الليل لاستقبال المهنئين، وبعد انتهاء الأسبوع تختم آخر مرحلة من العرس (بالحوال) فينقلان الى عشهما الزوجي.
• مراسيم الزواج وطقوسه
كانت سابقاً توجه الدعوات للاحتفال بالزيجات عن طريق شخص يستأجره المسؤول عن هذا الزواج بأجر معيـن ، يمر على البيوت بيتاً بيتاً فيدعوهم للاحتفال ، مأدبة العشاء ، ومثل ذلك، تقوم إمرأة بالطواف على البيوت لدعوة النساء للاحتفال النسائي ، و مأدبة العشاء .
مراسيم النساء
وبعد هذه المراسيم يذهب بالعروس ، أي الزوجة ، إلى أحد الحمامات الشعبية البعيدة للإستحمام مع كوكبة من النساء، والفتيات ، فتستحم العروس مع الفتيات ، و تزخرف أطراف رجليهـا ، وباطن يديها بالعجين ثم يُصبغ بالحِناء ) وفي مساءِ ليلة زفافها تخضب أطراف يديها ، وقدميها ، ويسمى خِضاباً ، وهي مجلوة في حفل رائع.
ومن أساليب هذه المراسيم أن العروس تُجلى في المساء في حفل بهيج يسمى يوم الخضاب ، أي عصر ليلة الزفاف الّتي في ليلتها تزف لزوجها
• مراسيم الرجال
أما مراسيم الزوج الذكر: فيذهب مع زملائه في كوكبة مبهجة مفرحة إلى أحد الحمامات الشعبيـة ، أو العيون البعيدة ليستحم ، ويقام له احتفال، يُقرأ فيهما سيرةُ الرسول صلى الله عليه وآله ، وينشد فيهما الأناشيد الدينية ، وفي الليلة الأولى يبيت معه كوكبة من زملائه ، وتصبغ باليرنأ يديه ورجليه ، كما يدار في الاحتفال أكواب الشاي ، وأقداح القهوة ، ويدار ماء الزهر، أي ماء الورد باللهجة الشعبية ، وتتساطع مجامر البخور
ليلة الدخلة
وبعد هذه المراسيم عندها يبدأ بزفاف الزوجة وهي في حلة بهيجة ، وفي ثوب فضفاض تحيط بها زميلاتُها للالتقاء بزوجها.
وكانت غرفة العروسين مكتسية بالمرايا في جدرها الأربعة ، وفي سمائها ، فأينما يقع طرفك ترى صورتك تنعكس على تلك المرايا ، وهي مزدانة بالشموع الموقودة ، وبالفرش الوفير ، وبالمصابيح الّتي تستعمل في تلك الفترة ، ونعبر عنها باللغة العربية بالمشاعل ، إذ لا كهرباء موجـودة.
ولا ننسى دور البخور ، والعطور ، كما تُنثر الرياحين على ذلك السرير ، فيدخلن بالعروس إلى هذه الغرفة ، ويتجمعن معها كوكبة من الفتيات ، والنساء ، وهنَّ ينشدن ، ويتغنين حتى تكلّ حناجرهُنَّ ، وتتعب راحتهُنَّ من التصفيق ، وهنَّ في انتظار أي الزوج ، ليمر بمراسيم الزفاف. فبعد أن يقام له في الليلة الثانية حفل الفرح ، ويتلى فيه السيرة النبوية ، والأناشيد الدينية بعد مأدبة العشاء الّتي تقام له ، ويدعى فيها مختلف الطبقات على إمكانيات المتزوج المادية، حيث تنحر الخراف ، وتقام المأدبة الفخمة السمينة.
وبعد أن تُنهى مراسيم الاحتفال يُزف الزوج الرجل في كوكبة من التهليل ، والتكبير للبعض، والبعض في أغاني شعبية حتى يأتون به إلى البيت المُعد ، لسكناه مع عروسه الّتي سبقته إليه. وعندما يصيرإلى الغرفة ، يصلي فيها ركعتين شكراً لله حيثُ بلَّغَهُ الزواج ويقرؤونه دُعاءً خاصّاً وهو واضع كفه على رأس عروسه يدعو فيه الله أن يجعله قِراناً سعيداً ، ويرزقه الذرية الصالحة منها. ثم بعدها يبدأ الرجال زملاء العروس يتفرقون واحدا إثر الآخر ، حتى لا يبقى منهم أحد ، ويأتي دور النساء ، والفتيات فيقمن، ويتسللن واحدة إثر أخرى ، حتى يبقى ثلة من أهل العروسين ليتممن بعض المراسيم الشعبية.
فتتقدم فتاة من حرم الزوج - الذكر - كأختهِ ، أو خالتهِ ، أو عمتهِ ، فتطلب من العروسين أن يضعا قدميهما اليمنتين بعضهما على بعض متقابلتين في ذلك الإناء البلـوري ، فتغسل أخمصيهما من ماء إبريق بلوري، وتطلب منهما أن لا يرتفع إصبع أحدهما على الآخر لئلا تتشاءم أُمَّيْ الزوجيــن. وبعد غسلهما يلقي الزوج بعضاً من النقود في ذلك الإناء ، تأخذها المسماة :« الداية » الّتي تقوم على خدمتهما ، وبعدها يُخلى ذلك الأفق للعروسين.
وعند الصباح تأتي الداية - وهي الخادمة المخصصة لخدمتهما - فتقرع الباب وهي تحمل وجبة الإفطار لهما مع القهوة العربية فيلقي الزوج نقودا في فنجان القهوة ؛ وعندما تقدم الداية وجبة الظهر يلقي الزوج أيضا نقودا معدودة في الإناء الذي يحمل مائدة الغذاء ، وجميع هذه النقود للداية من الزوج لقاء خدماتها. وفي كلِ مساءٍ يقام له احتفال، يأتي فيه الناس لتهنئتــه، وتهنئة أهله بالزواج ، طيلة أيام لا يخرجُ من عند عروسه إلا لهذا الاحتفال فقط ، ويشعر بلذة وغبطـة ؛ لأنه يمر بليلة العمر وأيامها الّتي لاتعود في الحياة ، ولا تتكرر فهي كالحلمِ .