ثالثا: وضع المرأة
كان موقف المجتمع من المرأة فيما مضى تشوبه نظرة احتقار، فهو يراها دون الرجل مقاما، ويعتبرها عورة يجب سترها والتواري بها عن الانتظار والأسماع، فيرى انه ليس من اللياقة التحدث في شان من شؤونها فحسب، بل يرى من العيب ان يذكر اسمها في محافل الرجال، وحسب الرجل إذا ذكر المرأة في معرض حديثه ان يعقب تكريما لمستمعه بقوله (حاشاك) وكأن ذكرها من فواحش القول، ولعل هذه النظرة كانت متوارثة، ترجع في جذورها الى ايام العصر الجاهلي.
وقد بلغ الأمر أحيانا الى درجة استنكاف الرجال من تناول الطعام مع النساء، فيأكلون مع الذكور ولو كانوا صغارا وكأنهن من جنس آخر، والحقيقة ان وضع المرأة في الماضي كان أشبه بوضع الدواجن في البيت، لا وظيفة لها الا التفريخ، فليس لها كيان معترف به، ولا مشاركة في الحياة الاجتماعية، وكانت من صفات الكمال فيها ان لا تراها الشمس، وبلغ الأمر بالفتاة قبل الزواج ان يفرض عليها الحجاب حتى على النساء. وليس وضع الفلاحة التي تسهم في العمل بجانب الرجل بأحسن حال، ان لم تكن أسوأ، فهي تباع وتشترى في سوق المزايدة عند تزويجها، وليس لها رأي ولا خيار أما الآن بعد ان تعلمت المرأة وتفتحت مداركها، فقد انتزعت كرامتها، وأصبحت هي التي تقرر مصيرها وتختار شريك حياتها وفقا لتعاليم الشريعة الإسلامية.