الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

السلوك الاجتماعي

السلوك الاجتماعي
من التقاليد المرعية في المجتمع طاعة الوالدين، والخضوع لهما والانصياع لأوامرهما، مهما كانت صائبة أو خاطئة، ومنها احترام كبار السن، وتقدير حنكتهم بحكم خبرتهم في الحياة فلا يسبقونهم في الكلام، ولا يمارونهم في الرأي ولا يتقدمون عليهم في المشي أو الدخول والخروج، ولا يبدأون قبلهم في الأكل أو الشرب، بل كانوا يحلونهم صدر المجلس، ويصغون لما يقولون، ويأخذون بمشورتهم في جلائل الأمور.
ومن الآداب الاجتماعية المتعارف عليها الوقوف عند كل قادم، لاسيما لكبار السن، واستعابة الأكل في الطرقات، والتلفظ بالكلمات البذيئة، وإفشاء السلام وتبادل التحيات مع من يعرفونهم أو لا يعرفونهم، أثناء اجتيازهم في الطرق أما بالنسبة للمرأة فيفرض عليها الخفر والحياء والطاعة العمياء لزوجها، فلا تخرج الا بإذنه، ولا تتصرف الا برأيه، كما يفرض على الفتاة ان تقبع في خدرها، وان تتحجب حتى عن النساء.
ومن ابرز مظاهر الحياة الاجتماعية التعاطف والكرم والنجدة، كصلة الأرحام والعطف على الفقراء، ومد يد المساعدة للمحتاج، فإذا حل شهر رمضان أو أيام الأعياد وزعوا الصلاة والصدقات، وإذا أصيب أحدهم بكارثة أو خسارة مالية هبوا لمساعدته، وإذا حدث حريق تضافروا للنجدة والإسعاف بصورة جماعية وكانت رابطة الجوار تحتل عندهم المقام الأول في الرعاية، فيقدمون للجار كل مساعدة ويسبغون عليه عطفهم وصلاتهم ويوصون برعايته فيقولون (عليك بالجار ولو جار) ويحرصون على اتصافه بالسمعة الطيبة والسيرة المحمودة، ويرددون (الجار قبل الدار)، كما كانت للضيف حفاوة بالغة، فكان لكل فرد ميسور الحال مجلس لاستقبال الضيوف، وكان في البلاد عدد من البيوتات، التي كانت لها ضيافة لاستقبال الوافدين من كل فج، فكان النزيل يقيم في ضيافتهم الى ان يستطيب له الرحيل، فيغادر معززا مكرما. وإذا كان شخصية معروفة، فانهم يحتفون به، ويقيمون له الولائم على شكل دوري يشترك فيها الوجهاء والأعيان.
وتقترن هذه الشيم بالفروسية والنخوة في نفسية أبناء العكر وطباعهم منذ القدم، فكان اغلب السكان من حملة السلاح، ولا يخلو أي منزل من الأسلحة الخفيفة، كالسيف والخنجر والبندقية، وكانت لها أسواق رائجة وأفراد متخصصون لإصلاحها، وتذكرنا الرماح الخطية التي كانت تصنع في منطقة الخط بما لهذه الظاهرة من عناية ومهارة عند السكان منذ اقدم الأزمنة، ولم تضمحل الا عندما استتب الأمن، وأدت النتيجة الى خلو المنازل من أي سلاح، واصبح هذا الجيل لا يعرف كيف يستعمل السلاح.