طرق الري وقوانينه
وضعت قوانين للري لأن الأراضي لم تكن مستقلة عن بعضها بل كانت كل مجموعة من الأراضي لها عين مشتركة وعليه وجب وجود تشريعات تنظم عملية ري كل أرض بحسب مساحتها واحتياجاتها على أن يتكفل كل من يستخدم العين بصيانتها ودفع رسوم للقائم عليها. ويتم تقسيم وقت العين اللازم لري أرض معينة بوحدة زمنية تسمى “وضح” وهو مسمى قديم ربما يكون له جذور عربية أو سامية لكنه دخل في العربية فالوضح في اللغة هو الضوء واستخدم في تحديد أوقات معينة ففي حديث عن الرسول (ص) جاء فيه “صوموا من الوضح إلى الوضح” أي من الضوء إلى الضوء. وتقصد العامة بالوضح نصف يوم إما من طلوع الشمس حتى غروبها أو من غروب الشمس حتى نصف الليل الأول, ويكون لكل عين وضحان في اليوم أي أربعة عشر وضحا في الأسبوع. وقد وصلتنا تفاصيل الوضح من خلال كتاب قوانين ري النخيل حيث جاء فيه:
“العين تشتمل على أربعة عشر وضح إذا كانت لها ساقية واحدة أو اكثر والوضح من طلوع الشمس إلى غروبها إن كان صيفا أو شتاء ونصف الوضح من طلوع الشمس إلى وقت الزوال ليكون نصف اليوم إذا كان نهارا وكذلك من وقت الزوال إلى غروب الشمس وليلا من غروب الشمس إلى نصف الليل الأول أو من نصف الليل الأخير إلى طلوع الشمس وثلث الوضح ثلث النهار أو ثلث الليل وكذلك ربع الوضح ربع أو ربع الليل”
ويكون لكل أرض زراعية معينة عدد من الأوضاح في الأسبوع, ولو حدث أن احتاجت العين لإصلاح أو صيانة تكون الكلفة على جميع أصحاب الأراضي المنتفعة وتكون نسبة مساهمة كل مالك من ملاك الأراضي تتناسب مع عدد الأوضاح تسقى بها أرضه أو بنسبة محصول الأرض بحسب ما ينص القانون:
“العين التي يسقى منها نخلان أو ثلاثة وأوضاحها محصورة للنخيل المذكورة فيكون مصرف إصلاحها بالوضح وأما العين العمومية التي تتوزع أوضاحها على نخيل كثيرة فيكون مصرف إصلاحها على الحاصل من آثمار النخيل التي تسقى منها”
أما في حال جفاف العين فيوجد قانون آخر:
“عين طبيعية قد جف ماؤها وهي مشتركة بين عدة نخيل لها أوضاح فإذا أتفق أهل الملك على وضع مضخة على العين بينهم بالشراكة على أن يعطي كل واحد منهم ما يخصه من الماء فلا بأس وإذا لم يتفقوا على ذلك فلكل واحد منهم الحق أن يضع مضخة لاستعمالها لأوضاحه الخاصة”.
وكذلك القانون التالي يوضح إجبارية أن يدفع كل شخص ما عليه ليستحق الماء:
“كذلك إذا دعت الحاجة لضرابة العين الطبيعية فهي على الجميع فإذا أحد المشتركين أبى أن يدفع ما ينوبه من المصرف فللمشتركين الحق في أخذ الماء الذي يخص شريكهم ختى يدفع ما عليه”.
الغريب في هذه القوانين أنها لم تترك نقطة ماء لم تبين من حق من, فأحيانا يكون فائض في الري فبعد عملية الري تبقى بعض المياه في الساقية أو الساب وهي تسمى ذوب أو هدة الساقية أو المشاخيل وهذه إما أن تكون لشخص بعينه أو تكون شراكة ولا يحق لأحد التصرف فيه, هذا ما نص عليه أحد القوانين من قوانين الري:
“إذا كان نخيل يسقى من الذوب خاصا له فليس لأحد أن يتعدى عليه إلا إذا كان له شراكة فيه وكيفيته إذا كان الماء في وقت معين إلى نخل معين في أي يوم من الأسبوع فبعد انتهاء سقي النخيل وصار الماء إلى غيره فيكون فاضل الماء يسمى ذوب أو هدة الساقية كذلك الشواخل التي من وراء سكار النخيل والمياه التي تأتي من المنجيات كل ذلك يسمى ذوب ويمكن أن يكون النخل واحد أو أكثر بالشراكة فيها بين النخيل”.